Monday, August 15, 2005

ماذا تبقى من بلاد الانبياء

قصيدة لشاعر الكبير فاروق جويدة
ماذ تبقى من بلاد الانبياء ..
لاشئ غير النجمة السواداء ترتع فى السماء ..
لا شئ غير مواكب القتلى وانات النساء ..
لا شئ غير سيوف داحس التى غرست سهام الموت فى الغبراء ..
لاشئ غير دماء ال البيت مازالت تحاصر كربلاء ..
فالكون تابوت وعين الشمس مشقنة ..
وتاريخ العروبة سيف بطش او دماء
ماذا تبقى من بلاد الانبياء
*****
خمسون عاما
والحناجر تملأ الدنيا ضجيجاَ ثم نبتلع الهواء
خمسون عامًا والفوارس تئن فى كمد وتصرخ فى استياء
خمسون عاما فى المزاد
وكل جلاد يحدق فى الغنيمة ثم ينهب ما يشاء
خمسون عاما والزمان يدور فى سأما بنا
فأذا تعثرت الخطى عادنا نهرول كالقطيع الى الوراء
******
خمسون عاما
نشرب الانخاب من زمن الهزائم ونغرق الدنيا دموعا بالتعازى والرثاء
حتى السماء الان تغلق بابها سئمت دعاء العاجزين وهل ترى يجدى مع السفة الدعاء
*****
ماذا تبقى من بلاد الانبياء
اترى رأيتم كيف بدلت الخيول صهيلها
فى مهرجان العجز!
واختنقت بنوبات البكاء
أترى رأيتم
كيف تحترف الشعوب الموت
كيف تذوب عشقا فى الفناء
اطفالنا فى كل صبح
يرسمون على جدار العمر خيلاً لاتجئ
وطيف قنديل تناثر فى الفضاء والنجمة السوداء
ترتع فوق اشلاء الصليب تغوص فى دم المأذن تسرق الضحكات من عين الصغار الابرياء
***********
ماذا تبقى من بلاد الانبياء ؟
ما بين اوسلو والولائم والمائد والتهانى .. والغناء
ماتت فلسطين الحزينة
فأجمعو الابناء حول رفاتها وابكو كما تبكى النساء
خلعو ثياب القدس القو سرها المكنون فى قلب العراء
قاموا عليها قالقطيع
ترنح الجسد الهزيل تلوثت بالدم ارض الجنة العذراء ..
كانت تحق فى الموائد والسكارى حولها يتاميلون بنشوة
ويقبلون النجمة السوداء
نشروا على الشاشات نعيا داميا
وعلى الرفات تعانق الابناء والاعداء
وتقبلوا فيها العزاء
وامامها اختطلت وجوه الناس صاروا فى ملامحهم سواء
ماتت بأيدى العابثين مدينة الشهداء
*********
ماذا تبقى من بلاد الانبياء فى حانة التطبيع يسكر الف دجال وبين كئوسهم تنهار اوطان ويسقط كبرياء لم يتركو السمسار
يعبث فى الخفاء
حملوه فى البارات .. فى الطرقات .. فى دور العبادة فى قبور الاولياء
يتسللون على دروب العار
ينكفئون فى صخب المزاد
ويرفعون الاية البيضاء
ماذا سيبقى من نواقيس النفاق
سوى المهانة والرياء ..
ماذا سيبقى من سيوف القهر
والزمن المدنس بالخطايا
غير الوان البلاء
ماذا سيبقى من شعوب لم تعد ابدا تفرق بين بيت للصلاة وبين وكرا للبغاء
والنجمة السوداء
القت نارها فوق النخيل
فغاب ضوء الشمس.. جف العشب واختنقت عيون الماء
ماذا تبقى من بلاد الانبياء ؟
ماتت من الصمت الطويل خيولنا الخرساء وعلى بقايا مجدها المصلوب ترتع نجمة سوداء
فالعجز يحصد بالردى اشجارنا الخضراء لا شئ يبدو بين ربوعنا غير الشتات ... وفرقة الابناء
والدهر يرسم صورة العجز المهين لامه خرجت من التاريخ واندفعت تهرول كالقطيع لحمى الاعداء
فى عينها اختطلت دماء الناس والايام والاشياء
سكنت كهوف الضعف واسترخت على الاوهام
ما عادت ترى الموتى من الاحياء
كهنانها يترنحون على دروب العجز بين اليأس والاعياء

ماذا تبقى من بلاد الانبياء
من اى تاريخ سنبدأ بعد ان ضاقت بنا الايام
وانطفأ الرجا ياليلة الاسراء عودى بالضياء
يتسلل الضوء العنيد من البقيع الى روابى القدس
تنطلق المأذن بالنداءi ويطل وجه محمد يسرى به الرحمن نورا فى السماء
الله واكبر من زمان العجز من وهن القلوب
.. وسكرة الضعفاء الله واكبر من سيوف خانها غدر الرفاق
... وخسة الابناء جلباب مريم لم يزل فوق الخليل
يضئ فى الظلماء
فى المهد يسرى صوت عيسى
فى ربوع القدس نهرا من نقاء
ياليلة الاسراء عودى بالضياء
هزى بجذع النخلة العذراء
يساقط الامل الوليد على ربوع القدس
تنتفض المأذن يبعث الشهداء
تتدفق الانهار .. تشتعل الحرائق
تستغيث الارض تهدر ثورة الشرفاء
ياليلة الاسراء عودى بالضياء
هزى بجزع النخلة العذارء
رغم اختناق الضوء فى عينى ورغم الموتى
.. والاشلاء مازلت احلم أن ارى قبل الرحيل
رماد طاغية تناثر فى الفضاء
مازلت احلم أن ارى فوق المشانق وجه جلاد قبيح الوجة تصفعة السماء
مازلت احلم أن ارى الاطفال يقتسمون قرص الشمس
يختبئون كالازهار فى دفء الشتاء
مازلت احلم أن ارى فى القدس يوما صوت قداس يعناق ليلة الاسراء
ويطل وجه الله بين ربوعنا وتعود .... ارض الانبياء